لا تدعي هذه المقاربة أنها بحث علمي مستفيض يفي الموضوع حقه بقدر ما هي اثارة لجوهر قضية الحضور المسيحي في المشرق العربي و بخاصة الجوانب التي تبقى عادةً طي الكتمان لاعتبارات و مصالح و قلق من تحريك المياه الراكدة بقدر ما هي دعوة لأشباع هذه المسائل بالتحديد درساً و تمحيصاً و قد يستأهل كل من الفصول و العناوين الآتية كتاباً للاستفاضة في شرح المفاهيم و استعراض الوقائع و دراسة الخلفيات و استخراج الخلاصات .
ركز هذا الكتاب على مسؤولية المسلمين تجاه قضية المسيحية في المشرق العربي لأنهم أكثرية ديموغرافية تمسك بمفاصل الحياة العامة كافة,و لان المسيحين في هذا الاطار قد فقدوا القدرة على المبادرة و لهذا يتعين بالدرجة الاولى على النخب الاسلامية ان تقرر ما اذا كانت تريد بقاء المسيحين الى جانبهم في المنطقة التي تعايش فيها آباء و أجداد الطرفين طوال اربعة عشرة قرناً ام اذا كان حان تاوقت في نظرهم لانهاء وجود المسيحين و لكن اذا كان بقاء المسيحين في الشرق العربي خياراً اسلامياً فأن بقاء المسيحين في لبنان خيار مسيحي و هو خيار يفترض بهم ان يأخذوه سريعاً قبل ان يفوت الآوان بالاشتراك مع أبناء بلدهم المسلمين اذا تجاوبوا مع تطاعاتهم و متطلبات وجودهم الحر او بمعزل عنهم اذا ما استمروا في المنح السائد منذ عقدين من الزمن على الأقل.